مديرة تحرير موقع “الخبر” ريتا بولس شهوان –
للخروج عن اخلاقيات مهنة الصحافة طرق متعددة. كما فتح الاستقصاء افق جديدة لعالم الصحافة ناقلاً اياها الى واحات الدقة حدد كذلك الأمر معايير مهنية ومدونات سلوكية للتعامل بين الزملاء بفعل مفهوم الصحافة العابرة للحدود الذي يقتضي تعاونًا بين مراسلين استقصائيين على ملفات وقضايا مشتركة والتي جعلت ضوابطًا “أخلاقية” في التعامل بين الزملاء على قاعدة مهنية باعتبار ان لهؤلاء الصحافيين ضغوطات يومية. عالجت “أريج” – اعلاميون لاجل صحافة استقصائية عربية- في مؤتمرها السنوي “مستقبل الاستقصاء في مناطق الصراع العربي”. عند اعتناق هذا العنوان يفتح السؤال حول دور وسائل الاعلام التي تعبر عن “رأي ووجهة نظر سياسية” وكيفية الـ”توظيف” السياسي للمراسل فيها لـ”حصد” اكبر قدر من المعلومات ليكون للوسيلة الناطقة باسم الحزب قاعدة بيانات تفيد الحزب الى حد ما. هكذا في هذه الحالة يصبح الصحافي غير الـ”ناطق” لرأي سياسي بل الباحث عن الحقيقة والحقيقة فقط في موضع مسؤولية ان لم يتجنب مخاطر استعمال تطبيقات الدردشة والحذر من التعامل مع زملاء صحافيين يأتمرون للخط السياسي الذي يحكم القناة الناطقة باسم الحزب فلا يعود يعرف هذا “المشبك” من باب المهنية هل هو يتعامل مع زميل صحفي ام يتعامل مع “حزبي” او حتى يحول الصحفي هذا الى مخبر لحزب او تحالفات وحلفاء الحزب مما يعني الى حد ما ان دخل هذا الصحافي الاستقصائي في تشبيك مع زميله في القناة المحسوبة على طرف انه قد يضع خصوصياته اليومية في خطر وربما حتى تحركاته الى كشف في ظل “إقدام حكومات ومتنفذّون على اقتحام خصوصية إعلاميين يحاولون كشف الحقائق وفبركة أخبار لتضليل الجمهور”. من الطبيعي الا تفهم الجهات العاملة في هذه الوسيلة الخاضعة للصراع مخاوف الصحافي المهني غير الموظف سياسيًا على حياته وخصوصياته لا بل ستحاول الادارة ان تصوّر ان عملها “مهني” بحت لكن كيف ذلك اذا كانت هذه القناة تتبع لجهات عقلها الأمني مسيطر عليها ولها أذرع أمنية أكبر واعمق من اذرع الدولة هل يكون في ذلك الصحافي تابع للقناة ام تابع للجهة الأمنية وهل هناك انفصال بين الاثنين في ظل استعانة الاخير الى القدرات الامنية للحزب من جهة مصادر المعلومات وتقنيات امنية تتخطى قدرة الصحافي الذي يمارس عمله باستقلالية عن اي جهة حكومية وحزبية؟ يمكن التعمق في الجدل مع المؤسسة الحزبية هذه الى حد الوصول في الحوار الى نكرانها “الالتزام” بالخط الحزبي خوفًا على امتداد علاقاتها الاعلامية في المناطق وكي لا تبث الخوف في نفوس الزملاء المشبكين معهم كذلك الامر وربما المنتمين الى خط حزبي كذلك الأمر الذين ان حركتهم هذه التساؤلات سيعيدون التفكير بمنطق الزمالة هذا وبالاهداف السياسية والمصالح الخفية خلف “قناع” الزمالة هذا الذي لن يعود الصحافي المهني قادرًا على التمييز هل هذا الحزب يعتمد تقنية “التخفي” التي يستخدمها الاستقصائي في قضايا فساد كبرى من باب “الزمالة” المتنقلة من منطقة لمنطقة لكشف الاحزاب والسلطات الشرعية وغير الشرعية على “عمل الزميل” وترويض الاحزاب له؟
سؤال لا يجب ان يكون برسم الايام لان وحده الصحافي يضع حياته على كف عفريت لكنه برسم ادارة هذه المؤسسات الاعلامية في قلب الصراع التي يجب عليها ان توضح عمل مراسليها وهل هذا المراسل يأتمر من الحزب؟ من قوى تحالفات الحزب؟ لا بل اكثر يضع هذا الصحافي بموقع مساءلة عن أسس عمله وبحثه عن حقيقة “حزبية” أم الحقيقة وكيف للحقيقة ان توائم توجهات حزبية بالتالي هل هو قادر على اقامة تواصل على قاعدة مهنية دون ان تكون خصوصية الزميل ورقة رابحة يتداولها مع اي طرف في الصراع مقابل “خبرية”!